حول الحرية الحقيقية والدعم المادي
كتبها لمكتب دمشق الإعلامي ، فارس :
الصحافة الحرة قولاً وفعلاً هي تلك التي تتحرر من القيود والضغوطات المفروضة عليها , ومن الممكن القول أن قيد واحد على الأقل من تلك القيود لا يمكن ولا بشكل من الأشكال أن تتحرر منه الصحافة والإعلام في عصرنا هذا وهو قيد الموارد المالية !
موارد بيع الصحيفة بطبيعة الحال لا تغطي تكاليف إنتاجها وتحريرها فتلجأ الكثير من المؤسسات الإعلامية إلى الاستفادة من موارد الإعلانات والمساعدات وأمور أخرى لتغطية تكاليفها على الأقل , ومن الطبيعي أن تشكل تلك الموارد والمساعدات ضغوطات وقيود مباشرة أو غير مباشرة على المحتوى الصحفي والإعلامي وبالتالي تفقد تلك المؤسسة حريتها وموضوعيتها بنسبة ما.
ماذا عن العمل الثوري ؟
ماذا عن العمل الإغاثي ؟
ألا يتعرض العمل الثوري لذات الضغوط ؟
من أين يأتي الثوار بمواردهم المالية ؟
الجهات المانحة بطبيعة الحال إن كانت أفراداً أو كانت منظمات لن تمنح المال لمن يخالفها في التوجه أو أسلوب العمل الثوري وأبسط الأمثلة على ذلك حين كان البعض يشترط في مرحلة مضت أن تذهب أمواله الممنوحة إلى مساعدة الفقراء والمتضررين والنازحين دونا عن أي نشاط عسكري , إذن هو يمنحك الموارد ولكنه يفرض عليك نوع النشاط الذي تقوم به !
و المشكلة أكبر من ذلك بكثير فتعدد الجهات المانحة للمال الثوري واختلاف توجهاتها أوجد في نهاية المطاف تعدداً للتجمعات الثورية أيضاً مختلفة التوجهات ومتنافسة فيما بينها دون أن يكون هذا التعدد والمنافسة سبباً في إغناء العمل الثوري وإنما شكلاً من اشكال تكرار نفس النشاط ونفس العمل تحت مسمى مختلف.
أمر آخر بالغ الخطورة نتج عن ذلك التنافس وهو قيام تجمع ثوري ما بأعمال ثورية بالغة الخطورة والتضحية بعدد من الثوار بغية تحقيق نقاط إضافية على حساب التجمعات الأخرى وزيادة الدعم المالي له دون الأخذ بالحسبان النتيجة الفعلية لتلك التضحيات في ميزان المصلحة العامة للثورة.
الأمر أكثر تعقيداً من ذلك بكثير إنما هي محاولة لتسليط شيئا من الضوء على واحدة من أكثر المسببات لما تشهده الثورة السورية من فرقة داخل البلد وخارجه و على أمل أن لا يصبح الدعم المالي للثورة عبئاً عليها وسبباً في إطالة عمر الثورة بدلاً من أن يكون سببا في تعجيل نصرها.
.تحرير فارس ، لمكتب دمشق الإعلامي