دمشق، مكتب دمشق الإعلامي:
ينتهي من التسجيل على قسائم مادة "المازوت" بعد انتظار دام لأكثر من نصف ساعة، ليذهب باحثاً عن شاحنة تبيع "أسطوانات غاز" في مناطق أخبره بعض أقرباؤه وأصدقاؤه عنها.
يصل للمنطقة المنشودة وقد وزعت آخر أسطوانة في الشاحنة، وأصوات الناس تتعالى علهم يحصلون على جرة هنا أو هناك.
يعود إلى منزله جاراً أذيال الخيبة مشياً على الأقدام فالشوارع مزدحمة وأجور النقل باتت مرتفعة هذه الأيام.
قصة قصيرة تحكي جانباً مما يعيشه المواطن الدمشقي، في وقت ما تزال أزمة المحروقات تلاحقه منذ أكثر من أربعة شهور، ورياح الشتاء بدأت تتسلل إلى أرجاء منزله.
جرة الغاز، الجرة النادرة:
"1200 ليرة سورية هو سعر جرة الغاز" لافتة تجدها على باب مركز التوزيع التابع للمؤسسة المحروقات والمغلق منذ عدة أسابيع، "فالغاز مفقود والمؤسسة العامة لاترسل لنا أية أسطوانات"، هكذا قال لنا أحد أصحاب المراكز في حي الميدان بدمشق
في حين تحدث أحد بائعي الغاز بالسوق السوداء بدمشق قائلاً أن أزمة الغاز ستزداد في الأيام القادمة.
وكما باقي السنوات مع أول بوادر لأزمة محروقات، تجد تجار السوق السوداء يبدأون باستغلالها لصالحهم، فلمّا كانت جرة الغاز بمراكز التوزيع تباع ب 1200 تجدها في بعض المناطق والمحال التجارية بأسعار تفوق سعرها تتراوح بين الـ 1750 وصولاً لـ 2900 ليرة في بعض المناطق.
أما الأحسن حظاً فهو من تمر من أمامه شاحنة مملوءة بأسطوانات الغاز وتقف في حيه، لترى وبدقائق طوابير من الرجال والشبان تتهافت إلى تلك الشاحنة، ولا يخلو الأمر من بعض المحسوبيات لعناصر النظام والدفاع الوطني وتجار السوق السوداء!
أفاد ناشطون أن السبب الأساسي لحدوث أزمة الغاز هو المعارك العنيفة الدائرة في محيط حقول الغاز بحمص، والعديد من الحقول الأخرى، إضافة لانقطاع الطرقات بسبب المعارك بين الحين والآخر.
المازوت، "بونات" بالواسطة:
كما بداية كل شتاء، تبدأ رحلة البحث والحصول على مادة "المازوت" من قبل المواطن السوري، وبعد مرور أكثر من ثلاث سنوات على الأزمات الاقتصادية في سوريا، تضاعفت صعوبة هذه الرحلة، واستحالت عند البعض الآخر من المواطنين.
"البونات" أو قسائم المازوت، تلك القسائم التي تقدر بـ 200 ليتر من المازوت لكل عائلة وبسعر 85 ليرة سورية لليتر الواحد، والتي توزعها الحكومة السورية في مناطق سيطرة النظام، تعتبر الطريق الأسهل للحصول على المازوت، إلا أنها محكومة بالرشى والمحسوبيات، كما يحتاج المواطن العادي عدة أيام لكي يصل دوره في تعبئة مادة المازوت، وقد تصل إلى الشهر في بعض الأحيان..
أما عن السوق السوداء فيمكنك بسهولة أن تجد مادة المازوت بكميات كبيرة إلا أن سعرها فاق السعر الحكومي بأضعاف، حيث يتراوح بين الـ 150 إلى 200 ليرة سورية لليتر الواحد على مرأى من رجالات حكومة نظام الأسد.
خمس ليرات سورية، تعيد للبنزين رونقه:
خمس ليرات سورية، رغم أن قيمتها انخفضت بشكل كبير، ولم تعد تستحق الكلام عنها، إلا أن مادة البنزين أعادت لها قيمتها بعد أن خفضت حكومة النظام السوري لليتر الواحد سعر مادة البنزين من 140 إلى 135 ليرة.
وتعتبر مادة البنزين الأكثر توفراً مقارنةً مع الغاز والمازوت، ولكن سعرها يكاد لا يتناسب مع دخل الفرد العادي في دمشق، والمتجول في أحياء دمشق يلاحظ ان أغلب السيارات مركونة أمام منازل أصحابها بسبب غلاء مادة البنزين اللازمة لتشغيلها..
كثيرة هي الأزمات التي اقترنت بأزمة المحروقات داخل دمشق أو خارجها، فانعكست سلباً على المواصلات، حيث ارتفعت أسعار النقل في الحافلات الصغيرة والكبيرة، وأجرة السيارات الصغيرة، وبدأت الكثير من العائلات الفقيرة تبحث عن بدائل أقل تكلفة من المحروقات للتدفئة مع بداية فصل الشتاء، من الكهرباء للحطب وصولاً إلى البطانيات والملابس الصوفية.
مكتب دمشق الإعلامي